كرامة تنصح الحكومات حول كيفية زيادة مشاركة النساء

Posted on: فبراير 12, 2015, by :

أولت كل من كرامة و الأمم المتحدة اهتماما خاصا- خلال الجلسة الثالثة  و الخمسين للجنة المعنية بوضع المرأة- لموضوع المساواة فى الأدوار بين الرجل و المرأة فيما يتعلق باتخاذ القرار على كافة المستويات. و يعد هذا الموضوع أكثر أهمية للمنطقة العربية عن أى منطقة أخرى فى العالم حيث تبلغ نسبة تمثيل النساء على مستوى الحكومات 9.1% فقط.

وانطلاقاً من هدف كرامة الأساسي الخاص بإنهاء العنف ضد النساء فى المنطقة العربية، فقد اهتم وفد كرامة بهذا الموضوع خلال فاعليات جلسة اللجنة المعنية بوضع المرأة. و خلال الحلقة النقاشية التى نظمتها كرامة و برعاية صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ( اليونيفم) تحت عنوان ” المرأة و عملية اتخاذ القرار فى المنطقة العربية: و ما الذى يمكن أن تقوم به الحكومات و المؤسسات و الجهات المانحة للوفاء بالتزاماتهم فى هذا الشأن؟”، قامت المنظمة بوصفها تضم شخصيات نسائية عربية قيادية و ناشطات بعرض توصياتها فى هذا الشأن أمام الحضور و هم أكثر من 100فرد يضمون برلمانيين و ممثلين عن البعثات الحكومية و قيادات من هيئات الأمم المتحدة و المنظمات غير الحكومية.

و من الواضح أن العنف الممارس ضد المرأة على المستويين العام و الخاص يمثل حجر عثرة أمام لعب النساء لدور فى المجال السياسى و فى عملية اتخاذ القرار فى منطقة الشرق الأوسط و فى مناطق أخرى من العالم. و من ثم، فإن النساء العربيات لديهن جدول أعمال قوى يهدف إلى زيادة المشاركة السياسية للمرأة بالإضافة إلى أنه يقترح أيضا سياسات أمام الدول لاتباعها من أجل تحقيق هذا الهدف.

إن النسبة المتدنية للتمثيل النسائى فى الحكومات العربية يتناقض مع ما يقال حول مضاعفة هذه النسبة ثلاثة أضعاف منذ البدء فى هذا التوجه منذ عام 1995 حين كانت نسبة التمثيل النسائى لا تتعدى 3.6%. و هذا يعنى أنه قد تم اتباع استراتيجيات معينة أتت بتأثير سريع خلال فترة قصيرة نسبيا. و قد أطلعت ناشطات كرامة اللجنة المعنية بوضع المرأة و الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة على وجهة نظر كرامة بشأن ما تم تحقيقه و الأمور التى تضمن مزيدا من التحسن فى هذا التوجه.

و قد استمعنا جيدا للحوار الفعال الذى عقدته اللجنة المعنية بوضع المرأة بين الحكومات وعدد معين من المنظمات غير الحكومية.  و رأى المشاركون أهمية تطبيق نظام الكوتة بالنسبة لمشاركة النساء فى المجال السياسي، و عرضوا إطار عمل أصدرته جمعية فاويت (من المملكة المتحدة) يرى أن هناك أربعة متطلبات لضمان نجاح المرأة فى الترشيح للمنصب و البقاء فيه و هى: الثقة و رعاية الأطفال و الثقافة و المال. و بينما نتفق من حيث المبدأ مع هاتين النقطتين، إلا أننا نرى أن هناك المزيد مما يمكن أن يقال حول هذه الموضوعات.

و نجحت إحدى شريكات كرامة و هى الأستاذة/ فاطيمة أوطالب من الاتحاد النسائى من المغرب فى الفوز بدور للحديث خلال الحوار الذى عقدته اللجنة المعنية بوضع المرأة، حيث طالبت من السادة المتحدثين و المتحدثات النظر فى أهمية تقييم معايير نجاح نظام الكوتة و الزيادة الفعلية فى السياسات و جهود دعم قضايا النوع الاجتماعى.

و خلال الحلقة النقاشية التى نظمتها كرامة و برعاية صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ( اليونيفم) تحت عنوان ” المرأة و عملية اتخاذ القرار فى المنطقة العربية: و ما الذى يمكن أن تقوم به الحكومات و المؤسسات و الجهات المانحة للوفاء بالتزاماتهم فى هذا الشأن؟”، شارك بعض المتحدثين من المتخصصين فى هذه القضايا فى النقاش و أثاروا تساؤلات حول الاستراتيجيات الواجب اتباعها من أجل زيادة و تحسين المشاركة السياسية للمرأة فى المنطقة العربية.

و عندما تكون النساء اللاتى يدخلن هذا المعترك غير جاهزات لخوض هذا الغمار و يتم تعينهن فإن مشاركتهن لا تعدو عن كونهن عرائس تحركها الأحزاب التى ينتمين إليها أو أسرهن، و هنا نجد أن الزيادة فى نسبة مشاركة المرأة فى صنع القرار لا يتم ترجمتها إلى سياسات تدعم المساواة بين الجنسين و تعبر عن حقوق و هموم المرأة. و فشل مثل هذه النماذج النسائية على هذا النحو يؤثر بالسلب على استعداد العامة من الشعب لدعم مرشحات أخريات فى المستقبل.

و من ثم، فقد قدم شركاء كرامة توصيات للحكومات و الهيئات الدولية و القطاع الخاص و المجتمع المدنى و هى موضحة فى ورقة السياسات الجديدة التى طرحتها كرامة تحت عنوان : “نحو مشاركة فعالة للمرأة فى مراكز اتخاذ القرار فى العالم العربى”. و ناقشنا أيضا الفرضية التى تقول إن هناك أربعة متطلبات لضمان نجاح المرأة فى الترشيح للمنصب و البقاء فيه و هى: الثقة و رعاية الأطفال و الثقافة و المال. و قد أكدت العديد من المتحدثين خلال الحلقة النقاشية التى أقمناها على أن الأسباب التى تحول دون تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة فيما يتعلق بشغل مراكز صناعة القرار تتعدى هذه العناصر الأربعة  لتضم أمور أخرى مثل التعليم و التدريب و الأمن.

و فى أوقات الأزمات مثل الصراعات أو النزاعات المسلحة، يجب الوفاء بالإجراءات  أو الالتزامات الخاصة المتعلقة بوضعية النساء حيث أنهن أولى ضحايا مثل هذه التناحرات. و أكدت مدير حركة كفا – إحدى الحركات الشريكة لكرامة فى لبنان- السيدة/ زويا روحانا أن الأحكام المدنية و الجنائية غير العادلة و التى لا تساوى بين الجنسين هى السبب وراء عدم التمكين السياسى للمرأة   والعنف الممارس ضد النساء و الحصانة التى يتمتع بها ذكور الأسرة عند إقدامهم على قتل إحدى الأقارب بداعى الشرف. و أشارت أيضا إلى أن عدم استقرار الأمن فى المنطقة يتم استغلاله لتبرير قصور التزام الدول بالمشاركة السياسية للمرأة. و أضافت قائلة: ” فى لبنان، انتظرنا حتى عام 2004 حتى تم تعيين سيدتين للمرة الأولى فى مجلس الوزراء. و كان العذر الذى يساق هو الصراع المشتعل بين الأطراف اللبنانية.” و طالبت الجهات المانحة بأن تعمل على الاستمرار فى دعم المنظمات غير الحكومية خلال أوقات الحروب.

و نجد أيضا أن النساء يتعرضن للعنف بصورة مباشرة عند دخولهن معترك العملية السياسية. فقد تحدثت أمال محمود عن حادثة توجيه اتهامات كاذبة بممارسة البغاء ضد إحدى المرشحات السياسيات خلال العملية الانتخابية فى مصر. و قد اضطرت المرشحة فى النهاية فى ظل حملات مباحث الآداب من جانب و ما تعرضت له من تحرش جنسى من ضباط الشرطة من جانب آخر إلى سحب ترشيحها.

و أشار نائب المدير التنفيذى لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ( اليونيفم) السيد/ معز دريد إلى تقرير يوضح أن عدم تمكين النساء يعد واحدا من بين ثلاثة نواحى قصور تسببت فى تراجع التنمية البشرية فى العالم العربى، و أشار إلى أن نسبة توظيف النساء فى القطاع الرسمى فى المنطقة العربية هى الأقل على مستوى العالم. و يجب العمل على دعم جودة مستوى المشاركة النسائية حتى يترجم التواجد النسائى إلى سياسات تدعم المساواة بين الجنسين. و ترى الأستاذة/ سهام نجم الأمين العام للشبكة العربية الإقليمية لمحو الأمية و تعليم الكبار أن هناك حاجة إلى وضع برامج تدرب النساء على التكنولوجيا و تنمية مهارات القيادة. و قالت إن الأهم بالنسبة للتعليم العام هو “الجودة، و أنه يتعين على الحكومات المحلية العمل على تهيئة أجواء مناسبة داخل المدارس تؤدى إلى تعليم المرأة بصورة تجعلها قادرة على التمكين.”

و تم الاتفاق على أن زيادة مشاركة المرأة فى عملية صنع القرار فى المنطقة العربية تتطلب مجموعة من الاستراتيجيات التى تضعها الدولة و القطاعين العام و الخاص و المجتمع الدولى. إن المستوى المتدنى للتمثيل السياسى للمرأة أمر متأصل فى التاريخ حيث تلعب مجموعة من العناصر الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية دورا فى ذلك. و قد ساعدت بعض المبادرات مثل نظام الكوتة بشأن تخصيص نسبة 30% للنساء فى البرلمان و توفير التدريب على الآداء البرلمانى للنساء فى تحسين الوضع منذ عام 1995، و لكن هذه الجهود لم تثمر عن أى نمو فى معدلات المشاركة النسائية بين عامى 2007 و 2008.

فى حقيقة الأمر، كان نظام الكوتة للنساء فعالا فى دول مثل تونس و المغرب و الأردن و العراق من حيث زيادة مستويات المشاركة النسائية. و توافق الرئيس السابق للاتحاد النسائى المغربى  و عضو البرلمان المغربى الحالى د/لطيفة جبادى على ذلك بقولها: ” منذ عام 1962، و النساء لديهن الحق فى الترشيح فى الانتخابات فى المغرب، و لكن المشاركة النسائية فى هذا الأمر كانت محدودة حتى عام 2002 حيث تغير الأمر تماما نظرا لتطبيق نظام الكوتة.” و أوضحت قائلة: ” ليست هناك حاجة إلى جعل نظام الكوتة مطبقا بصورة مستمرة، و لكنه مطلوب لفترة معينة من الوقت حتى يتم التغلب على الإرث الذى خلفته السنوات الماضية من عزلة للنساء و التمييز ضدهن فى المجال السياسى.”

و أقر شركاء كرامة على فاعلية هذه الاستراتيجيات و لكنهم طالبوا بتبنى منهجا أكثر شمولية فى التعامل مع مسألة المساواة بين الجنسين فى المشاركة فى عملية اتخاذ القرار. و أشار المتحدثون خلال الحلقة النقاشية التى كانت نظمتها كرامة إلى أن النساء أصبحن الآن يشغلن مناصب قيادية وحصلوا على المزيد من المكاسب السياسية على أرض الواقع من خلال عدة وسائل من بينها المجتمع المدنى. ففى لبنان، اقترحت إحدى المنظمات غير الحكومية قانونا يجرم العنف الأسرى و بعد ذلك قامت بتقديمه للجان النسائية فى كل الأحزاب السياسية من أجل الحصول على دعم المرشحات الجدد عليه.

 إن التغلب على هذه الآفة لا تقتصر على تعديل الانحياز الثقافى المتوارث و المترجم فى النظام القانونى فحسب بل يتطلب أيضا تخصيص المزيد من الموارد من أجل علاج نواحى القلق التى أعرب عنها السادة المتحدثين و المتحدثات فى الحلقة النقاشية. إن غياب الإعداد المناسب للنساء للعلب الأدوار القيادية بكفاءة قد يؤدى فى النهاية إلى كسب النساء للانتخابات دون الاحتفاظ بتلك المواقع القيادية التى حصلن عليها فى الانتخابات التالية.  و أخيرا، فإننا نرى أنه إذا ما أوفت الحكومات بالتزاماتها بشأن تنفيذ معاهدة سيداو و خطة عمل بكين و أهداف الألفية للتنمية و قرارى مجلس الأمن للأمم المتحدة رقمى 1325 و 1820، فإن قدرات النساء و فرصهن لشغل مراكز صناعة القرار و فى هياكل السلطة ستتزايد بصورة كبيرة.

و جذبت الحلقة النقاشية التى أقامها وفد كرامة العديد من الممثلين من كافة أنحاء العالم من بينهم: جمعية من أجل النساء و الإيدز من زيمبابوي، و وزارات من حكومات دول أسبانيا و غانا و ناميبيا  وجنوب أفريقيا و عضوات من الحكومة البلجيكية (الناطقة بالفلمنكية) و البعثة الدائمة لباكستان لدى الأمم المتحدة و مكتب رئيس جنوب أفريقيا و بعض البرلمانيات من ماليزيا و زامبيا و كينيا بالإضافة إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (الذى التقى فيما بعد بعضوات وفد كرامة لمناقشة أساليب حمل الحكومات على الالتزام بما جاء فى معاهدة سيداو من بنود). و قد علمنا أيضا أن ممثلتين عن معهد أبحاث سياسات المرأة جاءتا خصيصا من واشنطن إلى نيويورك من أجل حضور الحلقة النقاشية التى نظمتها كرامة. و رأت كرامة أن الحلقة النقاشية التى حضرها أكثر من 100 شخص نجحت فى الهدف من ورائها، ألا وهو إطلاع الجميع على التوصيات و الاستراتيجيات الخاصة بالنساء و دورهن فى عملية اتخاذ القرار فى المنطقة العربية. و كنا سعداء أيضا عندما رأينا أن ورقة السياسات و ورقة الحقائق اللتين أعدتهما كرامة يتم توزيعهما على المواقع الإليكترونية على شبكة الإنترنت مثل المواقع الخاصة بحملة 16 يوم من حركة الناشطات لمكافحة العنف على أساس النوع الإجتماعى و شبكة تقارير الأمم المتحدة حول وضع النساء.