انتم تجيدون الأقوال، فهل تجيدون الأفعال؟

Posted on: أكتوبر 17, 2014, by :

إفتتاحية نشرت أصلا في مجلة فوكوس اونلاين. لقراءة المقالة كاملة، يرجى النقر هنا.

 fokuslogoهناك حاجة للأفعال و ليس للأقوال. حتى الآن، كانت الإتفاقيات والمعايير الخاصة بحقوق المرأة قوية من حيث النص، لكنها فشلت في تحقيق تغييرات ملموسة وقابلة للقياس في البلدان التي اعتمدتها.

قبل ثلاث سنوات، بدأت إنتفاضة في تونس وإنتشرت في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاملة معها ليس الأمل فحسب، بل دليل على أن التغيير ممكن.

لقد كانت هذه بالتأكيد حركة إجتاحت المنطقة من خلال الأفعال وليس الأقوال. فقد وقف الناس معاً جنباً إلى جنب، وصلوا معاً جنباً إلى جنب، وكانوا معاً جنباً إلى جنب يأملون في مستقبل أفضل. ومع الإطاحة بالنظم الديكتاتورية التي طال امدها، تساءل الكثيرون عن التالي. وقلق الكثيرون أيضاً من أنه على الرغم من الظروف المعيشية الصعبة والقمعية التي شهدوها في ظل هؤلاء الحكام الدكتاتوريين، فإن المجهول الذي ينتظر أسرهم ومجتمعاتهم قد يكون أسوأ.

في جوهر هذه التحولات هي كيف بدأنا في تعريف دول ما بعد الإنتفاضة الناتجة عن هذه الإحتجاجات الشعبية، ودرجة تمسكهم بالمثل العليا للإنتفاضات العربية.

في أعقاب التحولات السياسية في العديد من هذه البلدان، بما في ذلك تونس، ومصر، وليبيا، يبقى سؤال كيف سوف يتم تنفيذ التغييرات، التي تم الدعوة اليها بوضوح وبشدة، من أجل مصلحة هذه الدول، ومصلحة شعوبها، ومصلحة المرأة؟

النساء تم تركهن في الخلف

لبعض الوقت، بدات النساء بتنفس الصعداء. ورأيناهم في الخطوط الأمامية، دعاة لحقوقهن و لحقوق إنسان متساوية لجميع الذين يواجهون تهميشاً إجتماعياً، وإقتصادياً، وسياسياً وثقافياً. ولكن سرعان ما إكتسبت الأجندات المحافظة زخماً. فالأحزاب الإسلامية كسبت الأغلبية في كل من تونس ومصر في انتخابات ما بعد المرحلة الإنتقالية، وتركت تأثيرات محافظة لملء الفراغات السياسية التي نتجت في أعقاب الإنتفاضات.

كانت تونس ومصر أول بلدين مضيا قدماً في بناء دساتير جديدة، ولكن بنفس لغة الوثائق واللجان، و بسرعة رأت المرأة كيف أنه تم تركها في الخلف.

بالنسبة للتونسيين، شكل ذلك صدمة بشكل خاص، حيث أن تونس تباهت لوقت طويل بدستورها التقدمي الذي أكد على المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء.

في مصر، كانت هذه البيئة تعني بأن حقوق المرأة تتتعرض لهجوم مباشر. في الأشهر القليلة الأولى من وجوده في الرئاسة، اقترح الرئيس السابق محمد مرسي ونظامه الغاء حقوق كانت قد إكتُسبت في ظل نظام مبارك، بما في ذلك حق المرأة في الطلاق من جانب واحد (“الخلع”) والحماية من الزواج المبكر.

إحتجاج النساء على مسودات الدساتير

قامت الناشطات في مجال حقوق المرأة في كلا البلدين بالإحتجاج على الأجندات المحافظة والمسودات الدستورية.

في مصر، تتوج ذلك بانتفاضة ثانية – ثورة السادس من يونيو، والتي أسفرت عن الإستقالة القسرية للرئيس مرسي وعودة الجيش إلى السلطة. وفي محاولة إعادة مصر على المسار الصحيح، تقدمت اللجنة الدستورية بدستور جديد أزال العناصر المثيرة للجدل التي إحتواها دستور عام 2012، وعكس بشكل أفضل المثل التي تم الدعوة لها في ميدان التحرير في عام 2011.

في يناير من عام 2014، تم الإستفتاء على الدستور المصري الجديد وأيده 98.1 في المئة من الناس الذين أدلوا بأصواتهم. كانت نسبة المشاركة في الإستفتاء 38.6 في المئة من أصل 53 مليون ناخب، وفقاً للجنة الإنتخابات. ولكن لم يكن ذلك قطع عليه وجافة. فقد قيل أن الآلاف لم يقرأوا الوثيقة بدقة، ولكن قاموا بالحكم عليها سياسياً، وإستخدموا أصواتهم كوسيلة لإظهار الولاء للأفراد بدلاً من الأحزاب السياسية المفضلة. أولئك الذين أيدوا حكم الإخوان المسلمين رفضوها، في حين أن أولئك الذين أيدوا حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة (SCAF) قبلوها.

الدستور المصري يمنح المساواة بين الجنسين

إذا ما وضعنا الولاءات جانباً، فإن الدستور المصري الجديد هو وثيقة قوية بشكل ملحوظ. لأنها تضع حدود وشروط، على سبيل المثال، دورتين للرئيس بحد أقصى وكل دورة 4 سنوات، ويتم عزل الرئيس من قبل البرلمان. كما يدعم الدستور الجديد حقوق الإنسان الأساسية لجميع المواطنين، ويوفر مساحة أكبر فيما يتعلق بحرية التعبير. وفي الوقت الذي يتمسك بالإسلام كدين للدولة، فإنه يضمن حرية المعتقد، ويحمي الأقليات الدينية من الإضطهاد. و يحظر الأحزاب السياسية القائمة على أساس “الدين، أو العرق، أو النوع الإجتماعي، أو الجغرافيا” كما يحظر بشكل فعال أيضاً الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. كما يحد الدستور الجديد أيضاً دور الإسلام في التشريعات والسياسة، مع التأكيد مجدداً على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع ولكن مع إزالة المادة التي تعطي الزعماء الدينيين الحق في تفسيره.

ومن الجدير أكثر بالذكر، وربما يعد مفاجئاً في أعقاب الإضطرابات التي شهدتها مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، هو حقيقة أن هذه الوثيقة تتمسك وتعكس العديد من المثل والقيم من ثورات 25 فبراير و5 يونيو، وخاصة فيما يتعلق بالنساء. هناك أكثر من عشرين مادة تتعلق بالمرأة وتتناول حقوقها المتساوية بموجب القانون. على سبيل المثال، المادة 11 تمنح المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق، بما فيها الحقوق السياسية، والإجتماعية، والثقافية، والإقتصادية. وهذه المادة التي تشير الى الأسرة المصرية التقليدية كان قد تم إزالتها من دستور عام 2012. وفي الوقت نفسه، فقد تم أيضاً في الدستور الجديد تبني التمثيل المتساوي للمرأة في البرلمان وفي المناصب العامة (البلديات والمجالس المحلية).

إلا أنه على الرغم من قوته، يبقى السؤال هو كيف سوف يتم مساءلة أولئك الذين يخفقون في تطبيق الدرستور. سوف يكون الدستور عاجزاً دون التطبيق الفاعل. ويجب أن يتم دعمه من قبل البنى التحتية الوطنية والمحلية، بدءاً بقوانين صارمة تعزز مواده ومقاصده.

من أجل قراءة بقية الإفتتاحية، يرجى زيارة موقع مجلة فوكوس هنا.